كتاب الخطى

رؤية الشاعر الى الوجود من خلال نصوصه (عناق منقوص الأيدي) لعبدالله ألن اختياراً

بقلم : حيدر علي الاسدي

ناقد وأكاديمي

صدرت عن دار ماركيز للنشر والتوزيع في البصرة 2023 المجموعة الشعرية (عناق منقوص الأيدي) للشاعر البصري الشاب ( عبدالله ألن) بواقع (89 صفحة) وضم عدد من القصائد التي تستلهم الواقع الحياتي بصوره المتعددة ، لتعيد قراءة هذا الواقع من زاوية رؤية الشاعر المختلطة بين ما هو رؤية لهذا الوجود وبين ما هو أنثيال لوجع جيل كامل يواجه مفردات العذاب والارق اليومي، لذا سطر الشاعر نصياته ضمن هذه الأطر الجمالية ، الجانب المنقوص بوصفه الاعتبار الثيمي الذي أنبنت عليه العتبة الرئيسة انما هو (الجانب الاخر/ من الحياة المتناقضة والتي تتمظهر عبر الألم اليومي والمعاناة اليومية) بدلالة نصوص ( تعزية ، الساعات الأخيرة، خارج السطر، هروب ، المخرج يحترق، اعياء، مواجهة خاسرة، حقيقة ملوثة) في نصفي هذا العالم (المنقوص) ثمة ( وحيد) يحاول ان يواجه صخب الحياة وازدواجيتها عبر الحرف الشعري ، او محاولة الانطلاق لفضاءات الحرية والمعنى لمواجهة تمردية لهذه المتاهات التي تقف حائلاً إزاء إرادة الانسان ، هذا الوجود المتمثل (بالأسابيع تمضي/ص12) (بلا عنوان ) (أيام مشردة) ( تستجدي الاحداث) (الضباب ينتشر بسرعة …والحطام اغلق غرفة روحي ، لا أرى أي طريق ، لا استطيع الوصول لأفكاري والأوراق مبعثرة على الطاولة/ص12) (ربما احترقت كلماتي= احتاج الكتابة كي انجو هذه الليلة) على وفق هذه المعادلة يتضاد فعل الوجود ( الكتابة/ المعرفة) مع فعل ( الاحتراق) ، بالكتابة ينجو من فعل التلاشي والاحتراق ، هكذا يرسم الشاعر هيئة كائنه الشعري في هذه المجموعة ، ثيمة (الضباب) المدورة في بعض نصوص المجموعة الحائل الذي يقف إزاء أحلام الانسان، الحائل الذي يحيل الانسان الى هالة من الجمود او توقف الزمن لئلا يعبر الى ضفة أخرى اكثر طمأنينة ووضوح تمثل الجزء الإيجابي لهذا العالم ووجود الانسان فيه ، فبحضور الضباب ( ينتصر العدم) ( يتفتت المعنى/ يذوب المكان) هذا الضباب ليس اعتراضية فيزيقية وحسب ، بل هو حائل افتراضي بالمعنى السيكولوجي ( قبل ان تسود …رائحة الضباب المتكلفة …تتحرك الاحداث بطريقة مغايرة …لا تكترث للترتيب ..ولا تخضع لسطوة العقل ، يتفتت المعنى ، يذوب المكان ، وينتصر العدم/ ص14من نص الباب الأخير) الهروب كعتبة هو الاخر (ضياع) حسرات باردة ، ودموع هاطلة ، وذعر يصرخ ، يقود الى مدن ( مجهولة يضيع فيها الانسان وملامحه) اليس هذا ما يدللنا اليه المعنى بعد تفكيك، نص (هروب/ ص16) ليعود مرة أخرى الشاعر الشاب (عبدالله ألن) ليرسم هذا النصف الضائع او المحترق في وجه الانسان عبر نص ( زجاج) عبر (محطة مهجورة) لا يطأها احد ، وبنظرات جامدة تحدق فيها الروح المتألمة العتيقة ، في ظل حسرة عناق ، هذا النصف المتوتر في وجه انسان الشاعر في هذه المجموعة انما نسير اليه عبر ( طريق مبتور النهاية /نص روح غريبة ص21) بخطوات لا تبال بالقدر وطرق لا يوجد فيها مصابيح مضيئة ، لا شيء سوى الظلام القاتم! ، كل هذا الاوجاع تمسح (ملامح الانسان) لدى الشاعر في بنية نصوصه العذبة دلالة ومعاني ، كما (تهرب الدلالة من المعنى) هذا النصف بلا معنى ، نصف موجوع يمثل تمظهرات الوجع العراقي اليومي ، على مستوى الوعي الجمعي وعلى مستوى انثيالات الذات الفردية وما تواجه من يوميات في عالمنا هذا ، هذا النصف لا ذاكرة فيه والخرائط متاهات (ممزقة) لا يجد فيها الانسان حتى طريق (السماء البيضاء)! في هذا العالم المألوف بالتيه! تظل ( رائحة النور المحترق، في نهاية الأفق المعتم /نص مواجهة خاسرة ص52) ان الشاعر الشاب يقدم معاني ذات قيمة في نصوصه الشعرية عبر تأثيث فضاء قصيدته بالمفردات الدالة ، والتي تشيء بالوعي الكبير وقدرة الشاعر في صياغة معانيه في بنية نصوصه الشعرية ، كما في نص ( النهاية / 89) ( بعد انحلال التعقيد، وتفكك عناصر الحياة ، تتضارب المعاني ، تنام الدهشة في الختام ، وتسلب المشاهد من واضعيها ، تتفسخ الأماكن وتموت الأضواء، وتبقى النهاية) ان مجموعة الشاعر الشاب البصري ( عبدالله ألن) تمتلك قيمة لغوية كبيرة ، وقيمة دلالية تستحق القراءة وتفكيك تلك المعاني التي يمكن تلمسها في سطور نصوصه الشعرية ، فهذه المجموعة تجربة شعرية واعدة تستحق القراءة والانصاف والاشادة لما تمتلك من وعي كبير في تأثيث مفرداتها التي تمثل حالة من حالات الوعي إزاء الوجود وتمظهراته المتمثلة بأفعال الانسان ذاته.

Alkhutaa News

وكالة عراقية إخبارية مستقلة شاملة مملوكة إلى «مؤسسة الخطى للثقافة والإعلام» غير التجارية. معتمدة في نقابة الصحفيين العراقيين بالرقم 1933

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى