كتاب الخطى

بلا ملامح

قصة قصيرة / الكاتبة نغم مكي
كررت الممرضة الاسم على مسمعي ، في بادئ الامر اعتبرته مجرد تشابه اسماء لا اكثر مشيت ببطأ للغرفة 117 انتابني الفضول وان ورديتي انتهت قبل نصف ساعة والنعاس غلبني الا ان فضولي زاد اكثر اقتربت من باب الغرفة هممت بفتح الباب كانت الجثة مغطاة بشرشف ابيض رفعته قليلا الا ان الحروق محت كل الملامح اسرعت بتغطية الوجه شعرت برغبة في التقيئ هرولت مسرعا لخارج الغرفة الا ان ذلك الوجه المشوه ظل عالقا بذهني!
طلبت من الممرضة ان تناولني ملف الجثة بغرفة117 تحمست لمعرفة من هو وانا ابدأ بقراءة الاسم صعقت وانا انطق الاسم ارتعش جسدي وكأن جدران المكان طبقت علي تذكرت ذلك الجسد النحيل يركض مرتعبا ونزف قدميه وثيابه الممزقة والتهمة التي الصقت به عدت بذاكرتي للطفل الحافي القدمين ويداه المملوءة بالجروح وانا في سن العاشرة عرفت بأني مختلف عن بقية الاطفال عندما قامت زوجة عمي بضربي ولم يجرأ احد للدفاع عني!
عندما ركضت هاربا منها في الشارع والدماء تسيل من انفي
واسعفني حينها ابن الجيران (خلف ) عندما شاهدني بهذا الشكل ورأيت الحزن في عينيه لحالتي وشهقتي وبكائي التي كانت سببا في عطفه علي!
بعدها نمت لفرط الالم والتعب والانكسار ثم استيقظت مرعوبا وانا في غرفتي المتهالكة ويقف على رأسي عمي ووجهه يصب غضبا وجدتي تتوسل اليه متمتمة !
سامحه انه طفل لم يقصد ذلك وقد نال جزائه يكفيه عقابا
لم افهم من الذي اخطأ من الذي يستحق ماذا فعلت؟
حينها فهمت اني سرقة المال من حقيبة زوجة عمي وهذا سبب ضربها لي سرقة لم اقم بها !
لم تمر الايام على هذه الحادثة ولحقتها بأخرى انا السبب فيها برأيهم
،،اثناء تناولنا وجبة الغذاء بعد اللعب بالدعابل والمشاكسة في الشارع والا بصراخ من احدى الجيران طالبا النجدة لم نفهم شيئ سوى كلمة بيتي يحترق انقذونا
هم عمي وجميع رجال الحي بإخماد النار وانقاذ ما تم انقاذه وبعد التحقيق عن سبب اشتعال النار وهو رمي احد القناني الزجاجية ذات الفتيلة برأس القنينة على سطح الجيران وبسببها احترقت الفرش والبطانيات التي ينام عليها الجيران ليلا ولولا اخماد النار لوصلت الى باقي المنزل
دلف عمي بعد ان اخبرته ابنة الجيران انها شاهدت احد اولادنا يرمي بالفتيلة المشتعلة وبالوصف الدقيق اتضح انا من قمت بهذا الفعل الشنيع وعقابه ان تحرق اصابعي،، ان صراخي لم يجلب لي الشفقة ولا العطف بل العكس هذا اقل ما أستحق !
بعد اشهر ولضعف بصر ابنة الجيران لم اكن انا المتهم بل ابن عمي المدلل رضوان ولتأنيب ضمير عمي وزوجته حصلت على الدراجة الهوائية القديمة لرضوان وهو نال دراجة جديدة بجرس وعجلات قوية!
في تلك السنوات تصاعد الغضب داخلي لما اتلقاه من قسوة ونظراة ازدراء والشتائم واللعنات التي اقذف بها
ولم افكر بشيئ سوى الهروب من هذا السجن بعد حصولي على معدل عالي تساعدني في الدخول الى معهد التمريض والسكن في القسم الداخلي والعمل اثناء الدراسة في احدى المحلات فتح الباب الذي اخرج منه من هذا القيد الذي يشدني كلما اردت التحرر منه، الا انه ظهر امامي للدخول اليه بلا عودة!
دكتور مصطفى نادتني الممرضة صباح هل عرفت من تكون الجثة؟
تنهدت قليلا زمت شفتي مددت يدي لأمسح قطرات العرق على جبهتي ثم
وضعت يدي اسفل ذقني واليد الاخرى على منصة الاستقبال
اجبت بثقة لا،، ظننت اعرفه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى