كتاب الخطى

قصة قصيرة.. خائنة الارواح

بقلم : زهراء جعفر
بينما كانت تعزف المدافع ألحانها البشعة، وهزت اصوات الرصاص مسامعنا،  غنت سمفونية الموت أنغامها لتتعالى الصرخات في قريتنا، و في هذه الاثناء خرجت فزعاً ظننت انني استطيع مساعدة بعض الاهل والجيران.  ومالبثت ان خرجت الا توالت عليه الظربات  ولكنها لم تكن مؤلمة لم اكترث لها بل بقيت مصراً على تقديم المساعدة حتى رأيت جاري وصديقي المسيحي يركض في الشارع على ساق واحدة والاخرى تقطر دماً أثر قطعها،  حاولت ان اساعده وانادي عليه لأحمله فأنا قوي وكنت العب كمال الاجسام لكنه كان مسرعاً ولم يكترث لي  على مايبدو ان هلعه قد افقده وعيه. اخذت اركض مع الناس وسرعان ماسمعت صوت الصراخ يعلو من جهة بيتنا،  أسرعت بأتجاه البيت الا وارى ان ولدي قد اصيب بشظايا الغدر  وزوجتي تحاول حمله ولاتستطيع حاولت أن أحمله معها ألا أنني لم استطع ذلك،  والغريب في الامر انهم كانو يتجاهلونني وكأنهم لايسمعون مااقول،  لماذا ياترى؟  ما الذي فعلته ليعاملوني بهذه القسوة؟  هل انا سبب الحرب؟  ام انهم يعتقدون انني السبب باصابته لانني لم اوافق على ترك قريتي؟ تتزاحم الاسئلة في مخيلتي رغم ان صوت صراخ ولدي كان اقوى منها، اخذت ألتفت لعل اجد احد من الجيران ليساعدني، وفي اللحظة رأيت امي محنية على رجل مغطى بدمه على أعتاب دارنا،  ياترى من هذا الرجل؟  ذهبت نحوها واسمعها تحدثه، لمن تركتني يافلذة كبدي؟ من سيحمل نعشي ياولدي؟  ولدها من ولدها،  ليس لي الا أخ واحد وقد استشهد مع أبي في بدايه الحرب، احدثها وكأنها لاتسمعني،  أمعنت النظر في الشاب المرمي على الارض الاوهو يشبهني تماماً،  نفس العينين،  نفس الشارب،  حتى انه يرتدي ثيابي ولكن الدماء تغطي ملامحه، هل يظنون انني ميت؟ امي انا هنا موجود معكم لم ارحل،  هيا نعود للمنزل، امي لماذا لاتردين؟  هيا ياعزيزتي لاتبكي،  النيران منتشرة في كل مكان ولم يسلم احد،  هيا نعود،  ولكن دون فائده لم تكترث لمااقول عدت مسرعاً الى زوجتي وحتى هي لم تسمعني ولا حتى رأتني لانها كانت تبكي وتنوح على ولدي الذي لم يقاوم الالم وقد تظن انه فقد حياته ولكنه موجود بجانبي وعانقني والغريب انه سألني،  لماذا تركتنا ياابي؟  انا لااستطيع العيش دونك، على مايبدو انني فعلا ميت فحتى الارض انعدمت جاذبيتها ولااستطيع الوقوف عليها ومن ذلك اليوم وحتى اليوم انا اذهب لاراهم واتحدث اليهم ولكن دون جدوى لايسمعونني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى