مضت 5 أشهر على عودة مجالس المحافظات إلى العمل بعد انقطاع دام لـ10 سنوات، ويترقب العراقيون بعد اختيار أعضائها في الانتخابات التي جرت في 18 كانون الأول 2023، أداء عمل أعضاء هذه المجالس وسط مخاوف من تكرار تجربة الدورات السابقة التي فشلت في تقديم الخدمات المعنية بها، بحسب مراقبين.
وتعد مجالس المحافظات بمثابة السلطة التشريعية والرقابية في كل محافظة، وتتمتع هذه المجالس المنتخبة بالحق في إصدار التشريعات المحلية، بما يمكنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية، دون أن يتعارض ذلك مع الدستور والقوانين الاتحادية التي تندرج ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات.
صلاحيات مسلوبة
يقول عضو مجلس محافظة بغداد، يحيى الخزعلي، إن “مجلس المحافظة كان معطلاً منذ 10 سنوات، لذلك وجدنا كل الأمور متوقفة، فلم نجد أوليات ولا بناية ولا مكاتب، بل يبحث أعضاء مجلس المحافظة داخل مبنى المجلس عن غرفة شاغرة بين طوابق المبنى للجلوس فيها عند قدوم ضيف أو لمناقشة إحدى القضايا”.
ويضيف الخزعلي لوكالة شفق نيوز، أن “المحافظ السابق لم يقم بتهيئة المكان المناسب لمجلس المحافظة، لكي يباشر أعضاء المجلس بالعمل ولا ينشغل بتهيئة غرفة ومكتب وغيرها من المعرقلات، لهذا كان المحافظ السابق سبباً في دمار مجلس المحافظة الحالي”.
ويشير رئيس لجنة الاستثمار في مجلس المحافظة إلى أن “العمل في بغداد متداخل بين أمانة العاصمة والمحافظة ومجلس الوزراء، حيث إن رئاسة الوزراء تتولى العمل من حيث إنشاء الطرق والجسور والمستشفيات وغيرها، رغم أنها من اختصاص عمل وأموال المحافظة، لكنها تنجز لغير جهة، لذلك هناك تداخل في العمل، كما هناك تداخل في عمل أمانة العاصمة، وعلى الرغم أن موازنتها من محافظة بغداد لكنها غير متعاونة معها”.
ويؤكد الخزعلي، أن “مجلس محافظة بغداد راغب بالعمل لكن هناك تداخلات في العمل وصلاحيات مسلوبة عن مجلس المحافظة”.
وكانت صلاحيات مجالس المحافظات دفعت رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لتقديم طلب للمحكمة الاتحادية العليا يستفسر فيه عن فقرة بالدستور تعني بصلاحيات الحكومات المحلية.
وفسرت المحكمة في ردها على طلب السوداني، في 27 نيسان 2024، أن المادة 115 من الدستور العراقي تنص على أن “كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية، يكون من صلاحية الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، والصلاحيات الاخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والأقاليم، تكون الأولوية فيها لقانون الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، في حالة الخلاف بينهما”.
تقويض لعمل مجالس المحافظات
من جهته، يوضح عضو مجلس النواب العراقي، باسم الغريباوي، أن “النظام في العراق اتحادي لا مركزي، بالتالي الدستور نص على اختصاصات الحكومة الاتحادية واختصاصات الحكومات المحلية، والاختصاصات المشتركة بين الاتحادية والإقليم أو المحافظات غير المنتظمة بإقليم”.
ويؤكد الغريباوي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن “الكثير من أعضاء مجالس المحافظات بحاجة إلى تدريب وتطوير وفهم للقانون واختصاصهم بالشكل الصحيح وآلية التعامل مع الدوائر، فضلاً عن ضرورة مراعاة الاختصاص في توزيع اللجان”.
ويلفت إلى أن “مجالس المحافظات بحاجة إلى أموال لكن منذ كانون الثاني 2024 وإلى الآن لم يتم المصادقة على جداول موازنة 2024، لذلك المجالس في فترة عدم وجود للأموال لتقديم الخدمات التي ينتظرها المواطنون وعلى المستويات كافة من الصحة والتربية والبلدية والمجاري وغيرها، فهذه الخدمات لا يمكن إنجازها في ظل عدم توفر الأموال”.
ويتابع، “كما هناك مشاكل على مستوى الوظيفة العامة، حيث هناك موظفون بحاجة إلى علاوات وترفيعات واحتساب شهادات وتغيير عناوين وغيرها، وهذه المشاكل تعاني منها المحافظات وتحتاج إلى حلول من الحكومة الاتحادية، وفي ظل عدم إعطاء الإمكانات المطلوبة للعمل لا يمكن تقييم مستوى أداء عمل مجالس المحافظات”.
ويبيّن الغريباوي، أن “بعض مجالس المحافظات أرادت العمل بملف الإصلاح الإداري ومحاسبة بعض مدراء الدوائر كما حصل في واسط والديوانية وغيرها، لكنها فوجئت بكتاب من الأمانة العامة لمجلس الوزراء (بأن ليس من صلاحية أعضاء مجالس المحافظات محاسبة المدراء العامين سواء كان مدير عام في التربية أو الصحة أو مدير عام في أي دائرة موجودة في المحافظة تتقاضى راتبها من الحكومة الاتحادية)، فهذه الدوائر لا تخضع لرقابة مجلس المحافظة بالاستجواب أو الإقالة، وهذا تقويض لعمل مجالس المحافظات”.
ويشدد الغريباوي على أهمية “دعم دور مجالس المحافظات القانوني وأن لا يكون هناك مساس باختصاصات المجلس حسب نظام اللامركزية الإدارية، وإذا لم يتم تعزيز اللامركزية ويعطى الدور القانوني لمجالس المحافظات فلن تستطيع العمل”.
يشار إلى أن وزارة التربية الاتحادية، أبلغت في 23 نيسان 2024، مجالس المحافظات كافة بأن أوامر إعفاء وتكليف المديرين العامين للتربيات ليس من صلاحيات المجالس.
يأتي هذا بعد أن صوت مجلس محافظة واسط، على إقالة مدير التربية في المحافظة عدنان حاجم الصيادي بالأغلبية المطلقة، وإحالة ملفاته الى رئاسة الوزراء ومحكمة الفساد الإداري وهيئة النزاهة. كما قرر تكليف معاون مدير التربية بإدارة وتسيير الأعمال لحين اختيار مدير جديد.
الفترة القصيرة لا تحقق تغييرات كبيرة
بدوره، يقول المحلل السياسي، عماد مسافر، إن “مجالس المحافظات مرت بفترة سابقة كانت محل تذمر لدى المواطنين لأن أداءها كان لا ينسجم مع تطلعات المواطنين، لكن حالياً هناك استقرار سياسي وتطلع لشركات عالمية بالعمل في العراق إلى جانب استباب أمني، وهذه جميعها عوامل مساعدة لإنجاح عمل مجالس المحافظات”.
ويضيف مسافر، أن “الفترة القصيرة لعمل مجالس المحافظات البالغة 5 أشهر لا يمكن تحقيق خلالها تغييرات كبيرة خاصة في مشاريع البنى التحتية، لذلك لن يلاحظ المواطن إنجازات على الأمد القريب لكن ربما في الفترة المقبلة قد يشاهد بعض الإنجازات في ظل الخطوات الصحيحة التي تخطوها مجالس المحافظات والمدعومة من الحكومة الاتحادية بصورة مباشرة”.
ويلفت إلى أن “هناك إمكانية كبيرة لمجالس المحافظات من أجل تقديم خدمة أكبر للمواطنين مع وجود موازنة لثلاث سنوات”.
3 دقائق