منذ أسبوعين والقلق يسود بين السوريين بمحافظة الحسكة، في شمال شرق سوريا، جراء بقع نفط كبيرة تطفو فوق نهر الرد، الذي يلتقي في أم كهفة بنهر آخر ليشكلا معاً أحد روافد نهر الخابور، النهر الرئيسي في شمال شرق سوريا والذي يشكل بدوره أحد روافد نهر الفرات.
فقد توقف المزارعون في تلك المنطقة عن ري أراضيهم خوفاً على محاصيلهم، متهمين تركيا بالتسبب في تلويث المياه، بعد قصفها منشآت نفطية قبل أسبوعين.
وفي السياق، قال نزار العواد (30 عاماً) المقيم في قرية قريبة من تل براك بمحافظة الحسكة، “توقف جميع المزارعين في المنطقة عن الري من النهر لأنه إذا استخدمنا هذه المياه الملوثة كأننا نقتل أرضنا بأيدينا”، وفق ما نقلت فرانس برس.
كما أضاف العواد بينما يقف قرب حقله المزروع بالقمح “يعاني المزارعون أساساً من نقص المحروقات والجفاف وزاد تلوث النهر من معاناتهم”.
وأردف قائلا “ننتظر اليوم رحمة رب العالمين وأن يتساقط المطر بشكل غزير ليفيض النهر وتزول التسربات النفطية ونبدأ الري مجدداً” من مياهه.
فعلى طول أكثر من 55 كيلومتراً تمتد من ريف تل براك إلى أطراف مدينة الحسكة، انتشرت بقع داكنة على المياه بينما علقت أخرى بالنباتات والأعشاب على ضفتي النهر.
ولم تحل مصائد مصنوعة يدوياً من القصب، وضعتها الإدارة الذاتية الكردية التي تتولى إدارة شؤون المنطقة، دون تسلل البقع إلى مساحات واسعة، ما يخيف المزارعين ومربي الماشية المتواجدين بكثرة في المنطقة ويهدد آلاف الهكتارات الزراعية.
وبدأت ظاهرة انتشار البقع النفطية على سطح المياه، وفق سكان ومسؤولين محليين، بعد القصف التركي الذي استهدف منتصف الشهر الماضي محطات ومصافي نفط من بين مرافق ومنشآت أخرى.
من جهته، شرح المهندس محمّد الأسود الرئيس المشترك لهيئة الموارد المائية التابعة للإدارة الذاتية من مكتبه في مدينة الحسكة، أن “التسرب النفطي ناتج عن القصف التركي في الفترة الأخيرة على شمال شرق سوريا وتحديداً في مدينة رميلان وتربه سبيه (القحطانية)” ما أدى إلى “تضرر المنشآت النفطية وخطوط النقل”.
كما أشار الى أن “مساحات الضرر كبيرة على ضفتي النهر وتمتد من منطقة رميلان حتى سد الخابور الجنوبي”.
كذلك أوضح أن هناك حلين يتم العمل عليهما. وأضاف “الحل الدائم هو إصلاح أنابيب النفط وهو ما تم إبلاغنا بحدوثه، والحل المؤقت هو وضع مصائد نفطية” للحؤول دون توسّع رقعة انتشار البقع.
وتعدّ رميلان من بين أبرز المناطق الغنية بالنفط ومنشآت تكريره اليدوية، منذ سيطرة القوات الكردية عليها. وأدى ذلك مراراً خلال السنوات السابقة إلى تسربات نفطية اجتاحت الأراضي الزراعية والأنهر.
إلى ذلك، أكد أن هيئة الموارد المائية في الإدارة الذاتية، تعمل على تنبيه المزارعين إلى ضرورة عدم السماح للمواشي بالشرب من المياه الملوثة، آملاً عدم وصول التلوّث إلى سد نهر الخابور للحؤول “دون تهديد الثروة السمكية والتنوع الحيوي”.
تأتي هذه الأزمة في وقت تغرق سوريا بعد نحو 13 عاماً من نزاع مدمر في أزمة اقتصادية خانقة، على وقع شح في الوقود وساعات تقنين طويلة في التيار الكهربائي.
فيما يواجه المزارعون صعوبة في ري محاصيلهم وتوفير البذار والأسمدة المرتفعة الكلفة، في ظل عدم قدرة السلطات على دعم المزارعين بالشكل المطلوب.
وكانت أنقرة أعلنت الشهر الماضي تنفيذ عمليات جوية ضد عشرات “الأهداف التي وصفتها بالإرهابية” في شمال سوريا وشمال العراق، بينها قواعد ومخازن أسلحة لوحدات حماية الشعب الكردية.
كما وضعت الهجمات، بعد مقتل تسعة جنود أتراك في هجوم استهدف قاعدة عسكرية تركية في شمال العراق، واتهمت حزب العمال الكردستاني بالوقوف خلفه.
وغالباً ما تتهم أنقرة قوات سوريا الديموقراطية، التي تقودها الوحدات الكردية وتعد الذراع العسكرية للإدارة الذاتية، بأنها تشكل امتداداً لحزب العمال الذي يخوض تمرداً ضدها منذ عقود.