بين القهوة والشاي تندلع في بريطانيا مؤخراً حرب إحصاءات تدافع فيها كل صناعة عن مشروبها، وأي منهما يفضله البريطانيون، لاسيما بعد أن ظل الشاي لقرون سابقة المشروب الساخن في البلاد، وبات جزءاً لا يتجزأ من نسيج بريطانيا الثقافي، لكن القهوة المنافس الأزلي للشاي تقوض هذه المكانة كل يوم، وفقاً للإحصاءات المتداولة.
الانتعاش الحديث في القهوة يعود إلى أواخر التسعينيات وبداية الألفينات، حين تسببت سلاسل المقاهي ذائعة الصيت، مثل شركة كوستا كوفي البريطانية والشركات الأميركية مثل ستاربكس، في إشعال هوس وطني بقهوة الإسبرسو، بحسب صحيفة The New York Times الأميركية، السبت 23 سبتمبر/أيلول 2023.
القهوة السريعة
وتشتري 80% من العائلات البريطانية القهوة سريعة التحضير للاستهلاك المنزلي، خاصة بين من يبلغون من العمر 65 عاماً أو أكثر، وفقاً لجمعية القهوة البريطانية، رغم تزايد شعبية القهوة المطحونة، خاصة بين الأجيال الشابة، ويشرب البريطانيون حوالي 98 مليون كوب قهوة يومياً.
وفي أغسطس/آب الماضي، نشرت شركة Statista دراسة صغيرة- تضم 2400 شخص فقط- لكن 63% من المشاركين قالوا إنهم يشربون القهوة بانتظام، في حين قال 59% فقط إنهم يفضلون شرب الشاي بانتظام.
100 مليون كوب شاي يومياً
في المقابل، قالت شارون هول، الرئيسة التنفيذية لجمعية الشاي والمشروبات الساخنة في المملكة المتحدة، في بيان لها، إن البريطانيين يشربون أكثر من 100 مليون كوب من الشاي يومياً، أي أكثر من إجمالي كمية القهوة المذكورة في الإحصاءات بمليوني كوب.
ووفقاً لبيانات نشرتها شركة كانتار للأبحاث التسويقية، فقد اشترى المتسوقون البريطانيون عبوات قهوة، في الفترة من أغسطس/آب عام 2022 إلى الشهر الماضي أكثر من عبوات الشاي بمقدار الضعف.
لكن هذا الدليل محل جدل: فعلبة تحتوي على 200 كيس شاي ستدوم لفترة أطول بكثير من عبوة قهوة مطحونة بحجم 200 غرام، تكفي حوالي 30 كوباً عادة، وكان إجمالي المال الذي أنفق على القهوة في المتاجر البريطانية أكثر من ضعف ما أُنفق على الشاي، رغم أن القهوة عادة ما تكون أعلى سعراً.
تتبع المشروب الساخن
من جهتها قالت جين بيتيجرو، مؤسسة ومديرة الدراسات في أكاديمية الشاي في المملكة المتحدة، إنه يصعب دائماً تتبع المشروب الساخن المفضل في بريطانيا تتبعاً دقيقاً، وقالت إن الشاي جزء من ثقافة البلاد منذ أكثر من 350 عاماً، ويؤثر على الحياة الإجتماعية والقوانين وغيرها، ولا ترى أن هذا قد ينتهي قريباً.
وأضافت بيتيجرو أنه منذ دخلت أكياس الشاي المنتجة بكميات كبيرة في منتصف القرن العشرين البلاد “اختفت رومانسية الارتباط بالشاي الذي كنت تشتريه وتشربه”.
وتابعت: “كانت هناك دوماً فكرة أن الشاي ممل جداً، لكنه لا يزال جزءاً كبيراً من استهلاكنا المنزلي من المشروبات، ولسنوات عديدة كانوا يقولون إن القهوة أكثر إثارة بكثير، والناس يشربونها أكثر، لكنني لست مستعدة للقبول بذلك”.
وفي شركة Cardews of Oxford، التي تفتخر بأنها “أقدم مورد للقهوة المحمصة الطازجة والشاي الفاخر في أكسفورد”، اتفق الموظفون على أن الناس يزدادون إقبالاً على القهوة.
لكن السياح يميلون إلى البحث عن شيء متأصل في الثقافة البريطانية.
إذ قال الموظف إسحاق لويد (18 عاماً): “كثيراً ما يطلبون منا أنواع الشاي الإنكليزية الأكثر انتشاراً، وأُخبرهم بلطف أن هذا الشاي لا يُزرع في إنكلترا، ولكن لدينا خلطات إنكليزية”.
لكن زميله تشارلي جوردان قال إن الناس كثيراً ما يفاجئونه، وقال جوردان (28 عاماً): “كثيرون يستمتعون بطقوس صنع الشاي، وهذا يشمل جميع الأعمار”.
وقال لويد ضاحكاً: “معظم الناس لا يريدون سوى ما يساعدهم على النهوض من الفراش في الصباح بأسرع ما يمكن”.