رصد عالما الفلك ألكسندر ولشتزان وديل فريل عام 1992 أول كوكبين يقعان خارج مجموعتنا الشمسية. كان الكوكبان يدوران حول نجم نيوتروني، أي بقايا نجم كبير مدمر يمتلك قوة جاذبية مرتفعة، موجود على مسافة 2300 سنة ضوئية من الأرض، الأمر الذي أكد وجود كواكب عدة حول النجوم المنتشرة في الفضاء.
ودفع ذلك الاكتشاف علماء الفلك إلى البحث عن مزيد من الأنظمة الكوكبية (Planetary systems)، وهو مصطلح يشير إلى كافة الأجسام التي تدور حول نجم أو مجموعة من النجوم، وتتضمن تلك الأجسام الكواكب والنيازك والأقمار والمذنبات، محاولين التوصل إلى كيفية تكون الأنظمة، إلى جانب البحث عن كواكب مشابهة لكوكب الأرض مناخيا.
وفي 14 فبراير/شباط نشر موقع “يوريك ألرت” (EurekAlert) بيانا صحفيا يشير إلى التوصل إلى طريقة لتقسيم الأنظمة الكوكبية إلى 4 أنماط محددة متكررة، من خلال دراستين متتابعتين نشرتا في دورية “أسترونومي آند أستروفيزكس” (Astronomy & Astrophysics) المعنية بأبحاث الفلك.
الأنظمة الكوكبية غير متشابهة
يوضح لوكيش ميشرا الباحث بقسم “إن سي سي آر بلانتس” (NCCR Planets) التابع لجامعة برن السويسرية في دراسته أن باحثي الفلك افترضوا مسبقا أن الكواكب خارج مجموعتنا الشمسية تتشابه فيما بينها، مطلقين عليها مصطلح “بيز إن إيه بود” (Peas in a pod)، ويعني البازلاء المتجاورة في الجراب نفسه.
ويشير المصطلح السابق إلى أن الكواكب المتجاورة حول أحد النجوم إما تتقارب حجما، أو يزيد حجمها عن بعضها طبقا لترتيبها، أي أن الكوكب الأبعد عن النجم يكون أكبر حجما عما يسبقه.
وعن ذلك الأمر يقول ميشرا “سابقا لم يكن من السهل تصنيف الكواكب طبقا لنظرية “البازلاء”، لأن أحجام تلك الكواكب قد تختلف عن هذا المنظور كما هو الحال في مجموعتنا الشمسية”.
وسيلة جديدة للكشف عن بنية الأنظمة الكوكبية
يرى ميشرا أن الوسائل الإحصائية المتبعة في بعض الدراسات السابقة لتنميط الأنظمة الكوكبية غير دقيقة ولا يمكن تطبيقها على جميع الكواكب، وتعتمد هذه الإحصائيات على عقد مقارنة بين مجموعة من الكواكب المتجاورة في عدد من الأنظمة الكوكبية، لا داخل النظام الواحد.
لذا عمل ميشرا على تطوير إطار عمل يمكنه من تحديد بنية النظام الكوكبي (العلاقة بين الكواكب المتجاورة المتعلقة بالحجم) طبقا لكل واحد من تلك النظم على حدة، دون المقارنة بين الأنظمة المتعددة.
ويهدف ذلك الإطار إلى البحث عن إجابات على بعض الأسئلة، منها: كيف تتشكل بنية النظام الكوكبي بناء على البيئة التي نشأت فيها؟ وما تأثير التطورات الحادثة داخل النظام في بنيته النهائية؟ (مثل الهجرة المدارية “Orbital migration”، وتعني انحراف الكوكب عن مساره الطبيعي).
ويشرح يان أليبرت، الباحث المشارك في الدراسة وأستاذ علوم الكواكب، مزايا تلك الوسيلة، موضحا “يمكننا استخدام إطار العمل الجديد في قياس ما يتعدى الكتلة والحجم، مثل القطر والكثافة وكميات المياه، والآن صرنا نمتلك أداة نستطيع من خلالها دراسة الأنظمة الكوكبية بالكامل”.
تصنيف الأنظمة الكوكبية
تضمنت نتائج الدراستين تصنيف الأنظمة الكوكبية إلى 4 أنماط: المتشابهة (Similar)، والمرتبة (Ordered)، وعكس المرتبة (Anti-ordered)، والمختلطة (Mixed).
النظام المتشابه هو ذاك الذي يضم كواكب متجاورة تتشابه في الكتلة والحجم، ويضم النظام المرتب كواكب تتزايد أحجامها وكتلتها كلما بعدت عن النجم الذي تدور حوله، وتنتمي مجموعتنا الشمسية لهذا النوع.
أما في الأنظمة المرتبة عكسيا فيصغر حجم الكواكب وكتلتها كلما بعدت عن النجم، وأخيرا يتكون النظام المختلط من كواكب لا تخضع لأي ترتيب.
ويشير ميشرا إلى أن النمط المتشابه هو الأكثر شيوعا بين الأنظمة الكوكبية، فبين كل 10 أنظمة تظهر واضحة في السماء نجد 8 تمتلك نمطا متشابها، بينما يعد نمط مجموعتنا الشمسية “المرتب” أقل تلك الأنماط انتشارا في المجرات.
عوامل عدة تؤثر في بنية النظام الكوكبي
يذكر ميشرا أن الشكل الأخير لأنظمة الكواكب يتأثر بعدة عوامل، منها ما يعرف باسم “القرص الكوكبي الأولي” (Protoplanetary disk)، وهو قرص يتكون أغلبه من الغازات (نحو 99% من كتلته) وذرات التراب، ويدور حول نجم متكون حديثا، ويسهم في تكون الكواكب وباقي محتويات النظام الكوكبي.
وعن ذلك يقول “تنتج الأنظمة المتشابهة من الأقراص صغيرة الحجم منخفضة الكتلة التي تدور حول نجم يحوي القليل من العناصر الثقيلة، بينما تنشأ الأنظمة المرتبة والعكسية من الأقراص كبيرة الحجم مرتفعة الكثافة التابعة لنجوم تحوي كميات كبيرة من العناصر الثقيلة، وأخيرا تنشأ الأنظمة المختلطة من الأقراص متوسطة الحجم”.
ويضيف “تسهم التفاعلات الحركية بين الكواكب، مثل الاصطدام فيما بينها، في رسم الشكل النهائي للنظام الكوكبي”.